فصل: الأول: ما يتعلق بموسى عليه السلام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {حين غفلة} قال: ما بين المغرب والعشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {على حين غفلة} قال: ما بين المغرب والعشاء عن أناس، وقال آخرون: نصف النهار، وقال ابن عباس: أحدهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته} قال: اسرائيلي {وهذا من عدوّه} قال: قبطي {فاستغاثه الذي من شيعته} الاسرائيلي {على الذي من عدوّه} القبطي {فوكزه موسى فقضى عليه} قال: فمات قال: فكبر ذلك على موسى عليه الصلاة والسلام.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فاستغاثه الذي من شيعته} قال: من قومه من بني إسرائيل. وكان فرعون من فارس من اصطخر {فوكزه موسى} قال: بجمع كفه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فوكزه موسى} قال: بعصا، ولم يتعمد قتله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: الذي وكزه موسى كان خبازًا لفرعون.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال: قال الله عز وجل بعزتي يا ابن عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت، اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار بأني لها خالق أو رازق، لأذقتك فيها طعم العذاب. ولكني عفوت عنك في أمرها انها لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار إني لها خالق أو رازق.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)}.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {إني ظلمت نفسي} قال: بلغني أنه من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر. فقتله ولم يؤمر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {قال رب إني ظلمت نفسي} قال: عرف نبي الله عليه السلام من أين المخرج. فأراد المخرج فلم يلق ذنبه على ربه. قال بعض الناس: أي من جهة المقدور. اهـ.

.شبه وجوابها:

قال الفخر:

.قصة موسى عليه السلام:

فيها شبه ستة:

.الأولى:

تمسكوا بقوله تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه} فان ذلك القبطى إما أن يكون مستحقا للقتل أو لا. فان كان الأول فلم قال: {هذا من عمل الشيطان} و{رب إنى ظلمت نفسي} الآية و{فعلتها إذن وأنا من الضالين}؟ وإن كان الثاني كان عاصيا في قتله.
جوابه: يحتمل أن يقال: إنه لكفره كان مستحقا للقتل وإنه لم يكن لكن موسى قتله خطأ، وأنه لم يقصد إلا تخليص الذي من شيعته من ذلك القبطى. فتأدى به ذلك إلى القتل من غير قصد أما الآيات فمن جوز الصغيرة حملها عليه فان الاستغفار والتوبة تجب من الصغيرة كما تجب من الكبيرة ومن أباها فلم يحملها عليه، وأما قوله: {هذا من عمل الشيطان} ففيه وجهان:
الأول: أن الله تعالى ندبه إلى تأخير قتل أولئك الكفار إلى حال القدرة فلما قتل فقد ترك المندوب، فقوله: {هذا من عمل الشيطان} معناه إقدامى على ترك المندوب من عمل الشيطان.
الثاني: أن يكون المراد أن عمل المقتول عمل الشيطان، والمراد بيان كونه مخالفا لله تعالى مستحقا للقتل، ويكون قوله: {هذا} إشارة إلى المقتول بمعنى أنه من جند الشيطان وحزبه، يقال: فلان من عمل الشيطان أي من أصحابه. فأما قوله: {رب إنى ظلمت نفسي فاغفر لى} فعلى نهج قول آدم: {ظلمنا أنفسنا} والمراد أحد الوجهين إما على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والاعتراف بالتقصير عن القيام بحقوقه وإن لم يكن هناك ذنب قط، أو من حيث حرم نفسه الثواب على فعل المندوب، وأما قوله: {فاغفر لى} فالمراد اقبل منى هذه الطاعة والانقطاع اليك. وأما قوله: {فعلتها إذن وأنا من الضالين} فلم يقل: إنى صرت بذلك ضالا ولكن فرعون لما ادعى أنه كان كافرا إلى حال القتل نفى عن نفسه كونه كافرأ في ذلك الوقت فاعترف بأنه كان ضالا أي متحيرا لا يدرى ما يجب عليه أن يفعله وما يريده في ذلك والله أعلم *

.الشبهة الثانية:

كيف لموسى عليه السلام أن يقول لرجل من شيعته يستصرخه {إنك لغوى مبين}؟ جوابه: إن قوم موسى عليه السلام كانوا غلاظا جفاة. ألا ترى إلى قولهم بعد مشاهدة الآيات {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} وكان المراد ذلك.

.الشبهة الثالثة:

لما قال الله تعالى: {أن ائت القوم الظالمين} فلم قال في جوابه {انى أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون} وهذا استغناء عن الرسالة؟
جوابه: ليس هذا استغناء عن الرسالة، ولكنه إذن في أن يسأل ضم أخيه إليه في الرسالة على ما ذكره الله تعالى في قوله في سورة طه {وهل أتاك حديث موسى} إلى قوله: {واجعل لى وزيرا من أهلى} فقال الله تعالى: {قد أوتيت سؤلك يا موسى} وكان في ذلك السؤال مأذونا فاندفع السؤال *

.الشبهة الرابعة:

كيف جاز لموسى أن يأمر السحرة بالقاء الحبال والعصى وذلك سحر وتلبيس وكفر، والامر بمثله لا يجوز؟
جوابه: ذلك الأمر كان مشروطا والتقدير: ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين، كما في قوله تعالى: {فأتوا بسورة من مثله} أي إن كنتم قادرين، وأيضا لما تعين ذلك طريقا إلى كشف الشبهة صار جائزا *

.الشبهة الخامسة:

{فأوجس في نفسه خيفة} أو ليس خوفه يقتضى شكه فيما أتى به؟ [جوابه] لعله خاف لأنه رأى من قوة التلبيس ما أشفق عنده من وقوع الشبهة على بعض الناس فآمنه الله منه وبين أن حجته تتضح للقوم بقوله تعالى: {لا تخف إنك أنت الأعلى}.

.الشبهة السادسة:

{وألقى الألواح} الآية فلا يخلو إما أن يكون قد صدر الذنب عن هارون عليه السلام ما استحق به ذلك التأديب أو لم يصدر عنه فان صدر عنه فقد صدر الذنب عن هارون عليه السلام وإن لم يصدر عنه فصدر عن موسى عليه السلام، وأيضا فلان هرون نهى موسى في قوله: {لا تأخذ بلحيتي} فان كان موسى عليه السلام مصيبا فيما فعله كان هارون عاصيا في منعه عن فعل الصواب، وان كان هارون عليه السلام مصيبا في ذلك المنع كان موسى عليه السلام عاصيا في ذلك الفعل؟
جوابه: أما من جوز الصغائر عليهم فقد حمل الواقعة عليه وزال السؤال. وأما من أباها فله وجهان:
الأول: أن موسى أقبل وهو غضبان على قومه، فأخذ برأس أخيه وجره إليه كما يفعل الانسان بنفسه في مثل ذلك الغضب، فان المفكر الغضبان قد يعض على شفتيه ويقلب أصابعه ويقبض على لحييه، فأجرى موسى عليه السلام أخاه مجرى نفسه لأنه كان شريكه فصنع به ما يصنع الرجل بنفسه في حال الفكر والغضب. وأما قوله: {لا تأخذ بلحيتي} فلا يمتنع أن يكون هارون خاف أن يتوهم بنو إسرائيل بسوء ظنهم أنه منكر عليه معاتب له، ثم أخذ في شرح القصة، وقال في موضع آخر {إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى اسرائيل} وفي موضع آخر {يا ابن ام ان القوم استضعفوني}.
الثاني: إن بنى اسرائيل كانوا في نهاية سوء الظن بموسى حتى أن هارون عليه السلام غاب عنهم غيبة فقالوا لموسى: أنت قتلته فلما واعد الله موسى عليه السلام ثلاثين ليلة وأتمها بعشر وكتب له في الالواح من كل شئ رجع فرأى في قومه ما رأى فأخذ برأس أخيه ليدنيه فيتفحص كيفية الواقعة فخاف هارون أن يسبق إلى قلوبهم ما لا أصل له، فقال إشفاقا على موسى عليه السلام {لا تأخذ بلحيتي} لئلا يظن القوم بك ما لا يليق.

.قصة موسى والخضر عليهما السلام:

وفيها بحثان:

.الأول: ما يتعلق بموسى عليه السلام:

وهو من وجوه:
الأول: أنه عليه السلام قال: {لقد جئت شيئا إمرا} و{شيئا نكرا} مع أن ذلك الفعل في نفسه ما كان كذلك، والحكم على ما ليس بمنكر بأنه منكر خطا، فكان مخطئا.
الثاني: أنه نعت نفس الغلام بأنها زاكية مع أنها لم تكن كذلك.
الثالث: قوله: {لا تؤاخذني بما نسيت} وعندنا النسيان غير جائز على الأنبياء.

.الثاني: ما يتعلق بالخضر:

وهو من وجوه:
الأول: قوله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين} والسفينة البحرية تساوى المال العظيم فكيف يسمى مالكها المسكين.
الثاني: قوله: {وكان وراءهم ملك} ومن كان وراءهم فقد سلموا منه، وانما كان خوفهم مما كان قدامهم.
الثالث: قوله: {فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا} فكيف استباح دم الغلام لاجل الخشية مع أن الخشية لا تقتضي علما ولا يقينا؟
الجواب عن الأول: أما قوله: {شيئا إمرا} أي عجبا، وقيل: منكرا، فان حملناه على الأول فلا إشكال، وإن حملناه على الثاني كان الجواب عنه وعن {نكرا} واحدا. وفيه وجوه:
الأول: أن ظاهره منكر ومن يشاهده ينكره قبل أن يعرف علته.
الثاني: أن يكون حذف حرف الشرط فكأنه قال: إن كنت قتلته ظالما فقد جئت شيئا نكرا.
الثالث: أن يكون قوله: {نكرا} أي عجيبا، فانهم يقولون فيما يستغربونه ويجهلون علته: إنه نكر ومنكر.
وعن الثاني: انه وصف النفس بكونها زاكية على سبيل الاستفهام لا على سبيل الاخبار، وأيضا فلانه تكلم بما ذكره اجراءا للامر على ظاهره وذلك جائز لقوله عليه السلام: «نحن نحكم بالظاهر».
وقال السخاوى في المقاصد الحسنة: اشتهر بين الاصوليين والفقهاء، بل وقع في شرح مسلم للنووي في قوله: «إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم» ما نصه: معناه انى أمرت بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة. وجزم العراقى والمزى بأنه لا أصل له.
وعن الثالث أنا لا نجوز عليه النسيان فيما يتعلق بالتبليغ والشرع واما في غيره فجائز.
وعن الرابع إن تلك السفينة كانت ملكا لقوم، فلعل كل واحد منهم كان قليل المال جدا.
وعن الخامس إن لفظ الوراء يعبر به عن الخلف والقدام فهى ها هنا بمعنى القدام، كما في قوله تعالى: {ومن ورائهم جهنم} يعنى من قدامهم، وعن السادس: لعل الله أوحى إليه بقتل الشخص فلذلك أقدم عليه. اهـ.